فصل: الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّنْفِيلِ:

صباحاً 0 :57
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
19
الجمعة
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ:

يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ الْخُمُسَ وَيُقَسِّمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، ثُمَّ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَا لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَمِيرُ الْجُنْدِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنْ الْجُنْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَا يُسْهَمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَسْتَوِي الْفَرَسُ الْعَرَبِيُّ وَالنَّجِيبُ وَالْبِرْذَوْنُ وَالْهَجِينُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَيْلِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ جَمَلٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ حِمَارٌ فَهُوَ وَالرَّاجِلُ سَوَاءٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ سَوَاءٌ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِتَالِ فَحَضَرَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَإِنْ غَصَبَهُ وَحَضَرَ بِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَسَوَاءٌ بَقِيَ فَرَسُهُ مَعَهُ حَتَّى حَصَلَتْ الْغَنِيمَةُ أَوْ مَاتَ الْفَرَسُ حِينَ دَخَلَ بِهِ أَوْ أَخَذَهُ الْعَدُوُّ أَوْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ قَبْلَ حُصُولِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ فَارِسٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مَكْتُوبًا فِي الدِّيوَانِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا أَوْ اسْتَعَارَ أَوْ وُهِبَ لَهُ، وَقَاتَلَ فَارِسًا فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا حَالَةَ الْمُجَاوَزَةِ، وَلَوْ دَخَلَ فَارِسًا، ثُمَّ بَاعَ فَرَسَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَارَهُ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَبْطُلُ سَهْمُ الْفَرَسِ، وَيَأْخُذُ سَهْمَ رَاجِلٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفُرْسَانِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ بَاعَهُ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ سَقَطَ سَهْمُ الْفُرْسَانِ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ، وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ فَهُوَ رَاجِلٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ دَخَلَ فَارِسًا وَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ وَالْمَشْجَرَةِ كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ، وَمَنْ جَاوَزَ الدَّرْبَ بِفَرَسٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ عَلَيْهِ إمَّا لِكِبَرِهِ أَوْ صِغَرِهِ بِأَنْ كَانَ مُهْرًا لَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ بِأَنْ أَصَابَهُ رَهْصَةٌ أَوْ صَلَعٌ، فَجَاوَزَ الدَّرْبَ بِهِ، ثُمَّ زَالَ الْمَرَضُ، وَبَرَأَ وَصَارَ بِحَالٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إصَابَةِ الْغَنَائِمِ فِي الِاسْتِحْسَانِ يُسْهَمُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ جَاوَزَ عَلَى مَغْصُوبٍ أَوْ مُسْتَعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجَرٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ، فَشَهِدَ الْوَاقِعَةَ رَاجِلًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
.
وَالْفَارِسُ فِي السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِتَالُ عَلَى الْفَرَسِ فِي السَّفِينَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
.
وَإِذَا وُهِبَ الْفَرَسَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَدَخَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْفَرَسِ دَارَ الْحَرْبِ مُرِيدًا الْقِتَالَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ صَاحِبُ الْفَرَسِ مَعَهُمْ أَيْضًا، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّ الْفَرَسَ، فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُضْرَبُ بِسَهْمِ الْفَارِسِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَبِسَهْمِ الرَّاجِلِ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَهُ، وَصَاحِبُ الْفَرَسِ رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَيْعًا فَاسِدًا، وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَدْخَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَ الْعَسْكَرِ، وَدَخَلَ مَعَهُمْ بَائِعُ الْفَرَسِ أَيْضًا، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْفَرَسَ بِحُكْمِ الْفَاسِدِ، فَالْبَائِعُ يَكُونُ رَاجِلًا فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ وَبَعْدَهُ وَالْمُشْتَرِي يَكُونُ فَارِسًا فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ وَرَاجِلًا فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَهُ.
رَجُلٌ أَدْخَلَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ مِنْ يَدِهِ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا، وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَارِسٌ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ اسْتِرْدَادِ الْفَرَسِ مِنْهُ وَرَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ اسْتِرْدَادِ الْفَرَسِ.
رَجُلَانِ لِأَحَدِهِمَا فَرَسٌ وَلِلْآخَرِ بَغْلٌ تَبَايَعَا الْبَغْلَ بِالْفَرَسِ، وَدَخَلَا بِهِمَا دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِمَا اشْتَرَاهُ عَيْبًا، وَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا كَانَ لَهُ فِي الْأَصْلِ فَمُشْتَرِي الْبَغْلِ رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا، وَمُشْتَرِي الْفَرَسِ فَارِسٌ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ أَنْ يَتَرَادَّا الْبَيْعَ رَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ مَا تَرَادَّا الْبَيْعِ.
.
وَلَوْ رَهَنَ فَرَسًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَدْخَلَ الْمُرْتَهِنُ الْفَرَسَ مَعَ نَفْسِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ فَقَضَى الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ مَالَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْفَرَسَ، فَإِنَّ الرَّاهِنَ رَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ الْغَنَائِمِ وَفِيمَا يُصَابُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ يَكُونُ رَاجِلًا فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا، وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا آخَرَ فَهُوَ فَارِسٌ عَلَى حَالِهِ اسْتِحْسَانًا.
وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَرَسَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَضَمِنَ صَاحِبُ الْفَرَسِ الْقِيمَةَ، وَأَخَذَهَا فَلَمْ يَشْتَرِ بِهَا فَرَسًا آخَرَ يُسْهَمُ لَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ الْغَنَائِمِ.
وَمَنْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُكْرَهًا لَا يَبْطُلُ سَهْمُ فَرَسِهِ، وَإِذَا بَاعَ الْغَازِي فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ مَا أُصِيبَ الْغَنَائِمُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ فَرَسًا آخَرَ أَوْ اسْتَعَارَ، ثُمَّ أُصِيبَ غَنَائِمُ أُخَرُ كَانَ رَاجِلًا فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَا يَقُومُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْمُسْتَعَارُ مَقَامَ الْمُشْتَرَى بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى فَرَسًا آخَرَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ، ثُمَّ وُهِبَ لَهُ فَرَسٌ آخَرُ وَسُلِّمَ إلَيْهِ كَانَ فَارِسًا؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَمْلُوكٌ رَقَبَةً فَكَانَ مِثْلُ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، فَاسْتُرِدَّ مِنْ يَدِهِ فَاشْتَرَى آخَرَ فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِعَارِيَّةٍ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ وَالثَّانِي عَارِيَّةٌ، فَالثَّانِي لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَارِيَّةً، وَالثَّانِي إجَارَةً فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْمُسْتَعِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا اسْتَعَارَ فَرَسًا آخَرَ بَعْدَ مَا اُسْتُرِدَّ الْأَوَّلُ مِنْ يَدِهِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فَارِسًا، وَيَقُومُ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفُرْسَانِ فِيمَا يُصِيبُونَ مِنْ الْغَنَائِمِ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْمُعِيرِ الثَّانِي فَرَسٌ آخَرُ سِوَى هَذَا الْفَرَسِ الَّذِي أَعَارَهُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَرَسٌ بَعْدَ آخَرَ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَعِيرُ سَهْمَ الْفُرْسَانِ فِيمَا يُصِيبُونَ ذَلِكَ فَالْمُعِيرُ الثَّانِي يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ بِهَذَا الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ، فَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمُسْتَعِيرُ سَهْمَ الْفُرْسَانِ بِهَذَا الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ أَدَّى أَنْ يَسْتَحِقَّ رَجُلَانِ مِنْ غَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ فَرَسٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا كَامِلًا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى فَرَسًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى دَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَرَسَ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي رَاجِلَانِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ كَانَ حَالًّا إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي نَقَدَهُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ وَدَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَرَسَ، فَالْمُشْتَرِي فَارِسٌ اسْتِحْسَانًا.
وَلَوْ دَخَلَ رَجُلَانِ بِفَرَسٍ بَيْنَهُمَا دَارَ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ هَذَا تَارَةً وَشَرِيكُهُ أُخْرَى فَهُمَا رَاجِلَانِ، كَذَلِكَ إذَا دَخَلَا بِفَرَسَيْنِ كُلُّ فَرَسٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُمَا رَاجِلَانِ إلَّا إذَا أَجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ قَبْلَ دُخُولِهِمَا دَارَ الْحَرْبِ، فَحِينَئِذٍ الْمُسْتَأْجِرُ فَارِسٌ وَإِنْ طَيَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ أَيَّ الْفَرَسَيْنِ شَاءَ نُظِرَ إنْ كَانَ هَذَا التَّطَيُّبُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، فَهُمَا فَارِسَانِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، فَهُمَا رَاجِلَانِ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى التَّهَايُؤِ عَلَى الرُّكُوبِ لِأَجْلِ الْقِتَالِ، وَأَمَّا التَّهَايُؤُ لَا لِأَجْلِ الْقِتَالِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ إنْ اصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا أَمْضَاهُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَا يُسْهَمُ لِمَمْلُوكٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا ذِمِّيٍّ، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى الْإِمَامُ.
وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ الْعَبْدُ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ وَالْمَرْأَةُ يُرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَمْ يُقَاتِلْ إلَّا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّهْمِ فِي الدَّلَالَةِ إذَا كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَا يَبْلُغُ بِهَا السَّهْمَ إذَا قَاتَلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
.
وَالْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ، وَالْمَعْتُوهُ إذَا قَاتَلَا يُرْضَخُ لَهُمَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، ثُمَّ الرَّضْخُ عِنْدَنَا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْل إخْرَاجِ الْخُمُسِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
أَمَّا الْخُمُسُ، فَيُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ يَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى وَيُقَدَّمُونَ، وَلَا يُدْفَعُ إلَى أَغْنِيَائِهِمْ، فَأَمَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخُمُسِ، فَإِنَّهُ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ وَسَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَ بِمَوْتِهِ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ وَالصَّفِيُّ شَيْءٌ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْطَفِيه لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِثْلَ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ جَارِيَةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ صَرَفَ الْخُمُسَ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ الْغَنَائِمُ رَقِيقًا وَمَتَاعًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ فَأَعْطَى بَعْضَهُمْ رُءُوسًا وَبَعْضَهُمْ دَوَابَّ وَبَعْضَهُمْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَبَعْضَهُمْ خَيْلًا أَوْ سِلَاحًا عَلَى سِهَامِ الْخَيْلِ وَالرَّجَّالَةِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ فَعَلَ بِرِضَا الْغَانِمِينَ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
وَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ، وَأَخَذَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ، وَتَفَرَّقَ الْجُنْدُ، ثُمَّ إنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي أَصَابَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ ادَّعَتْ أَنَّهَا جَارِيَةً حُرَّةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَبَاهَا الْمُشْرِكُونَ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَالْإِمَامُ يَقْضِي بِحُرِّيَّتِهَا، وَإِذَا قَضَى الْإِمَامُ بِحُرِّيَّتِهَا هَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟ وَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُنْقَضُ إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ قَلِيلًا بِأَنْ كَانَ جَارِيَةً أَوْ جَارِيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَقَدْ تَفَرَّقَ الْجُنْدُ إلَى مَنَازِلِهِمْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَفَرَّقْ الْجُنْدُ إلَى مَنَازِلِهِمْ أَوْ تَفَرَّقُوا إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ كَانَ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْجُنْدِ، وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ، فَتَفَرَّقُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مَعَهُمْ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ، وَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ.
فَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُنْقَضُ، وَيُعَوَّضُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قِيمَةَ نَصِيبَهُ وَإِذَا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا بَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ: ائْتِ بِمَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْجُنْدِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْإِمَامُ يَتَوَلَّى جَمْعَهُمْ بِنَفْسِهِ، وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ اخْتَارَ الْإِمَامُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إلَى الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ عُرُوضًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مِنْ أَصْنَافٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْمُرُ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ يَدِ الَّذِي قَدَرَ عَلَيْهِ مَا يَخُصُّهُ لَوْ قَسَّمَ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْجُنْدِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ غَنِيمَةٌ أُخْرَى، وَإِذَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ يَدِ الَّذِي قَدَرَ عَلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ، وَكَانَ فِيمَا أَصَابُوا مُصْحَفٌ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَا يَدْرِي أَنَّ فِيهِ تَوْرَاةً أَوْ زَبُورًا أَوْ إنْجِيلًا أَوْ كُفْرًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَسِّمَ ذَلِكَ فِي مَغَانِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَرِّقَ بِالنَّارِ وَإِذَا كَرِهَ إحْرَاقَهُ يَنْظُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ كَانَ لِوَرِقِهِ قِيمَةً، وَيُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْمَحْوِ وَالْغَسْلِ بِأَنْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى جِلْدٍ مَدْبُوغٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُمْحَى وَيُجْعَلُ الْوَرَقُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَرِقِهِ قِيمَةٌ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْمَحْوِ بِأَنْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى الْقِرْطَاسِ يُغْسَلُ وَهَلْ يُدْفَنُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ إنْ كَانَ مَوْضِعًا لَا يُتَوَهَّمُ وُصُولُ يَدِ الْكَفَرَةِ إلَيْهِ؟ يُدْفَنُ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعًا يُتَوَهَّمُ وُصُولُ يَدِ الْكَفَرَةِ إلَيْهِ لَا يُدْفَنُ وَإِنْ أَرَادَ الْإِمَامُ بَيْعَهُ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ رَغْبَةً مِنْهُ فِي الْمَالِ يُكْرَهُ بَيْعُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْهُ.
قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَوَابُ فِي بَيْعِ كُتُبِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِضْلَالُ وَالْفِتْنَةُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِضْلَالُ وَالْفِتْنَةُ لَا يُكْرَهُ بَيْعُهَا مِنْهُ قَالَ: وَإِنْ وَجَدُوا فِي الْغَنِيمَةِ قَلَائِدَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِيهَا الصَّلِيبُ وَالتَّمَاثِيلُ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَسْرُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا مِنْ رَجُلٍ إنْ كَانَ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا مَوْثُوقًا بِهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ بَيْعُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّلِيبُ وَالتَّمَاثِيلُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ، فَأَرَادَ بَيْعَهَا مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْكَسْرِ أَوْ أَرَادَ قِسْمَتَهَا قَبْلَ الْكَسْرِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا أُصِيبَ مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ نَحْوَ كَلْبِ الصَّيْدِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ مِنْ الْبُزَاةِ وَالصُّقُورِ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ مَا أُصِيبَ مِنْ صُيُودِ الْبَرِّ وَالْمَعَادِن وَالْكُنُوزِ وَمَا اسْتَخْرَجَ الْغَوَّاصُونَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ بِحَارِهِمْ، فَهُوَ فَيْءٌ كُلُّهُ يَرْفَعُ عَنْهُ الْخُمُسَ وَيُقَسِّمْ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَالسَّمَكُ وَسَائِرُ الصَّيُودِ الَّتِي تُصَادُ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، فَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي سَائِرِ الْمَأْكُولَاتِ وَيُكْرَهُ الِاصْطِيَادُ بِصَقْرِ الْغَنِيمَةِ وَبَازِيهَا وَكِلَابِهَا.
وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْهِرَّةِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فَرَسًا عَلَيْهِ مَكْتُوبًا حُبِسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَذَا، وَاَلَّذِي يُوجَدُ غَيْرَ مَكْتُوبٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَوَاءٌ، ثُمَّ تُجْعَلُ هَذِهِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي مَكَان الْغَالِبُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ أَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَكُونُ لُقَطَةً فَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ اللُّقَطَاتِ، وَلَوْ وُجِدَ فِي مَكَان الْغَالِبُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ أَوْ كَانَ يَقْرَبُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَيَكُونُ غَنِيمَةً فَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْغَنَائِمِ، وَلَوْ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَشَهِدَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مِنْ خَيْلِ الْجَيْشِ، وَقَدْ قَسَّمَهُ الْإِمَامُ فِي الْغَنَائِمِ أَوْ بَاعَهُ أَوْ لَمْ يُقَسِّمْهُ، وَلَمْ يَبِعْهُ وَحَضَرَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَجَدَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُدَبَّرِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً فَلَمْ يُحْرِزُوهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ، وَأَخَذُوا الْغَنَائِمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ جَاءَ عَسْكَرٌ آخَرُ وَأَخَذُوهَا مِنْ الْعَدُوِّ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ لِلْآخِرِينَ دُونَ الْأَوَّلِينَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَى الْآخَرِينَ رَدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِينَ الْإِمَامُ إذَا قَسَّمَ الْغَنَائِمَ، وَدَفَعَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ إلَى الْجُنْدِ، وَهَلَكَ الْخُمُسُ فِي يَدِهِ سَلَّمَ لِلْجُنْدِ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْخُمُسَ إلَى أَهْلِهِ، وَهَلَكَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ فِي يَدِهِ سَلَّمَ الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ إلَى بَعْضِ الْجُنْدِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ فَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فَعَلَ حَتَّى مَاتَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ فَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُمْ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَذِنَ لَهُمْ خُمِّسَ مَا أَصَابُوا، وَكَانَ مَا بَقِيَ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ، فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ: إذَا الْتَقَى الْفَرِيقَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَرِيقٌ دَخَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَفَرِيقٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ مُجْتَمَعِينَ فَمَا أَصَابَ الْمَأْذُونُ لَهُمْ، فِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ مِنْهُ، وَمَا أَصَابَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَصَابَ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَصْحَابُهُ، وَلَا غَيْرُهُمْ، أَمَّا إذَا اشْتَرَكَ الْمَأْذُونُ لَهُمْ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فِي أَخْذِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْآخِذِينَ فَمَا أَصَابَ الْمَأْذُونَ لَهُمْ خُمُسٌ، وَكَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ فَيَشْتَرِكُونَ جَمِيعًا الْآخِذُ وَغَيْرُ الْآخِذِ، وَمَا أَصَابَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَهُوَ لَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْآخِذِينَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِبَقِيَّتِهِمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، فَإِنْ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا الْمَأْذُونُ لَهُمْ، وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ، وَكَانُوا بِاجْتِمَاعِهِمْ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَمَا أَصَابَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَكَذَا مَا أَصَابَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ أَوْ بَعْدَهُ فَذَلِكَ سَوَاءٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ دَخَلُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَأَصَابُوا الْغَنِيمَةَ، ثُمَّ لَحِقَ لِصٌّ أَوْ لِصَّانِ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ بَعْدَ مَا أَصَابَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ الْغَنَائِمَ وَأَصَابُوا بَعْدَ ذَلِكَ غَنَائِمَ وَقَدْ أَصَابَ اللِّصُّ غَنِيمَةً قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُمْ، وَبَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا شُرَكَاءُ وَفِيمَا أَصَابُوهُ الْخُمُسُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ إلَّا مَا أَصَابَ الْعَسْكَرُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ اللِّصُّ أَوْ اللِّصَّانِ، فَإِنَّ هَذَا اللِّصَّ لَا يُشَارِكُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ فِيمَا أَصَابُوهُ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمْ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ يُشَارِكُونَ اللِّصَّ فِيمَا أَصَابَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ وَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا يَسْتَقِيمُ لِكَثْرَةِ الْجُنْدِ وَقِلَّةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ تَصَدَّقَ بِهَا الْإِمَامُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَوْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا، وَوَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِنَائِبِهِ تَقَعُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْجُنْدِ أَتَوْا أَمِيرَ الْجُنْدِ، وَقَالُوا: إنَّ مَنَازِلَنَا بَعِيدَةٌ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَى الْمَقَامِ، فَأَعْطِنَا حَقَّنَا مِنْ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْحَزْرِ وَالظَّنِّ بِذَلِكَ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ فَأَعْطَاهُمْ وَمَضَوْا، ثُمَّ أَعْطَى الْبَاقِينَ حِصَّتَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَازْدَادَتْ أَنْصِبَاءُ الْبَاقِينَ عَلَى أَنْصِبَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَكِنْ يُمْسِكُهُ حَوْلًا، وَيُخْبِرُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ بِقَوْلِهِمْ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ، فَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُهُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْأَمِيرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا فِي الْخُمُسِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْإِمَامِ إذَا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ بِأَنْ غَزَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُ الْفَضْلِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْإِمَامَ ذَلِكَ، وَيَكُونَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى أَنْ يَسْتَقْرِضَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ، وَيُقَسِّمَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ حَتَّى إذَا جَاءَ مُسْتَحِقُّوهُ لَمْ يُجِيزُوا صَدَقَتَهُ، فَإِنَّهُ يُعْطِيهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالُوا: وَهَهُنَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: الْإِمَامُ الْأَكْبَرُ، وَأَمِيرُ الْجُنْدِ، وَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ، وَهُوَ الَّذِي فُوِّضَ إلَيْهِ أَمْرُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ لَا يَمْلِكُ التَّصَدُّقَ بِالْفَضْلِ وَأَمِيرُ الْجُنْدِ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَوْ أَنَّ جُنْدًا عَظِيمًا أَصَابُوا غَنَائِمَ وَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُقَسِّمْ حَتَّى تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَذَهَبُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ، وَلَا يَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ، وَبَقِيَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ أَعْطَى الْإِمَامُ الْبَاقِينَ أَنْصِبَاءَهُمْ، وَيُمْسِكُ حِصَّةَ الْغُيَّبِ، فَإِذَا مَضَى سَنَةٌ، وَلَمْ يَجِيءَ لَهَا طَالِبٌ تَصَدَّقَ بِهَا، وَلَوْ غَلَّ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ الْمَغَانِمِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَا قُسِّمَتْ الْغَنَائِمُ، وَتَفَرَّقَ أَهْلُهَا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا قَالَ وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَيُخَمِّسَهُ وَيَصْرِفَ الْخُمُسَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُمْسِكَ الْبَاقِي حَتَّى يَجِيءَ مُسْتَحِقُّوهُ، فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي مَجِيءِ مُسْتَحَقِّيهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ كَذَّبَهُ فِيمَا قَالَ، وَأَخَذَ مِنْهُ خُمُسَ مَا جَاءَ بِهِ، وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْغَالُّ بِذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، وَلَكِنَّهُ تَابَ يُمْسِكُهُ إلَى أَنْ يَطْمَعَ فِي مَجِيءِ مُسْتَحِقِّهِ، وَإِذَا انْقَطَعَ طَمَعُهُ فِي ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِهِ إنْ شَاءَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ إذَا حَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَمْ يُجِزْ صَدَقَتَهُ، وَلَكِنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّنْفِيلِ:

وَيُسْتَحَبُّ التَّنْفِيلُ لِلْإِمَامِ وَأَمِيرِ الْعَسْكَرِ، فَإِنْ نَفَلَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ، وَجَعَلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي أَيْدِي الْغَانِمِينَ لَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بِمَا كَانَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَإِذَا نَفَلَ الْإِمَامُ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ لَهُ خَاصَّةً لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ، وَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَا أَصَابَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ، فَإِنْ دَخَلَ الْإِمَامُ دَارَ الْحَرْبِ مَعَ الْجَيْشِ، وَبَعَثَ سَرِيَّةً، وَنَفَلَ لَهُمْ مَا أَصَابُوا جَازَ، وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُلَ السَّرِيَّةَ مَا أَصَابُوا، وَلَا يَنْفُلَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ نَفَلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ لَهُ عَنَاءٌ أَوْ بَلَاءٌ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَ رَأْيَهُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى إمَامٍ لَا يَرَى التَّنْفِيلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْمَقْتُولِ بِنَفْسِ الْقَتْلِ مَا لَمْ يَنْفُلْ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيَقُولُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَمَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بَعْدَ رَفْعِ الْخُمُسِ بِأَنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً وَقَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ قَالَ: فَلَكُمْ الرُّبْعُ بَعْدَ الْخُمُسِ، ثُمَّ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ يَجُوزُ مُطْلَقًا بِأَنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً وَقَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَلَكُمْ الثُّلُثُ أَوْ قَالَ: فَلَكُمْ الرُّبْعُ، ثُمَّ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الْخُمُسِ، وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ نَفَلَهُمْ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا مُطْلَقًا أَعْطَاهُمْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرْفَعُ الْخُمُسَ عَنْ الْبَاقِي، ثُمَّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ السَّرِيَّةُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَإِنْ نَفَلَهُمْ الرُّبْعَ أَوْ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ رَفَعَ الْخُمُسَ أَوَّلًا مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ نَفْلَهُمْ مِمَّا بَقِيَ، ثُمَّ قَسَّمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: جَمِيعُ مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ نَفْلًا بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ فَهَذَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا لَمْ يُجْعَلْ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ الْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ وَالسَّلَبُ مَرْكَبُهُ وَمَا عَلَى الْقَتِيلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَا عَلَى مَرْكَبِهِ مِنْ السَّرْجِ وَالْآلَةِ وَمَا مَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ مَالِهِ فِي حَقِيبَتِهِ أَوْ عَلَى وَسْطِهِ لَا عَبْدُهُ وَمَا مَعَهُ وَدَابَّتُهُ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِي بَيْتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ رَاجِلًا وَمَعَ غُلَامِهِ فَرَسُهُ قَائِمٌ بِجَنْبِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَكُونُ فَرَسُهُ لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ فَارِسًا، وَهَذَا مُتَمَكِّنٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
ثُمَّ حُكْمُ التَّنْفِيلِ قَطْعُ حَقِّ الْبَاقِينَ، فَأَمَّا الْمِلْكُ، فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ، فَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَصَابَ أَمَةً، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا مُسْلِمٌ، وَاسْتَبْرَأَهَا وَهِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا وَبَيْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ يَوْمَ الْهَزِيمَةِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْفُلَ قَبْلَ الْهَزِيمَةِ وَالْفَتْحِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ يَوْمِ الْهَزِيمَةِ وَالْفَتْحِ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ مَنْ أَخَذَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ، وَلَكِنْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا قَبْلَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَعَ هَذَا لَوْ أَطْلَقَ التَّنْفِيلَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ إطْلَاقًا يَبْقَى التَّنْفِيلُ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ حَتَّى مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا يَوْمَ الْهَزِيمَةِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَجَرَحَ الْكَافِرَ رَجُلٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَبْقَى لِلْمَجْرُوحِ قُوَّةٌ فِي قَتْلٍ أَوْ عَوْنٍ بِيَدٍ أَوْ مَشُورَةٍ بِكَلَامٍ كَانَ سَلَبُهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ جَرَحَهُ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ يُعِينُ مَعَهُ بِيَدٍ أَوْ كَلَامٍ، فَالسَّلَبُ لِلثَّانِي، ثُمَّ الْإِمَامُ إنْ نَفَلَ السَّلَبَ بَعْدَ الْخُمُسِ بِأَنْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ يُخَمِّسُ السَّلَبَ وَإِنْ نَفَلَ السَّلَبَ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، لَا يُخَمِّسُ السَّلَبَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِعُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ لَقُوا الْعَدُوَّ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرَ فَلَهُ سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلْتُهُ أَنَا فَلِي سَلَبُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ الْأَمِيرُ رَجُلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْتُ قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ، ثُمَّ لَمْ يَقْتُلْ قَتِيلًا حَتَّى قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْقَوْمِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَانِ قَتِيلًا، فَلَهُمَا سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الثَّلَاثَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَضَرَبَ مُسْلِمٌ مُشْرِكًا، فَرَمَاهُ مِنْ الْفَرَسِ فَجَرَّهُ الضَّارِبُ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَعَاشَ أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَلِلضَّارِبِ سَلَبُهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ الْمَجْرُوحَ حِينَ ضَرَبَهُ الْمُسْلِمُ، وَأَخَذَ الضَّارِبُ سَلَبَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الضَّارِبُ وَالْغَانِمُونَ، فَقَالَ الضَّارِبُ: مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَالَ الْغَانِمُونَ: مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَانِمِينَ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةُ الضَّارِبِ إلَّا بَيِّنَةَ مُسْلِمٍ، وَلَوْ احْتَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجَاءَ بِهِ إلَى الصَّفِّ أَوْ إلَى الْعَسْكَرِ، فَذَبَحَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ مَا أَتَى الصَّفَّ يُقَاتِلُ مَعَهُ فَقُلْنَا: بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ وَحْدَهُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَانِ قَتِيلًا لَا يَسْتَحِقَّانِ سَلَبَهُ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِمُسْلِمٍ إنْ قَتَلْتَ هَذَا الْكَافِرَ فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ هُوَ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَالسَّلَبُ كُلُّهُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ مِنْهُ.
فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ الْإِمَامُ لِعَشْرَةٍ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ قَتَلْتُمْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ خَاصَّةً أَوْ قَالَ لِعَشْرَةٍ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ أَصَبْتُمْ أَهْلَ قَرْيَةِ كَذَا فَلَكُمْ كَذَا الشَّيْءُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَشَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي الْغَنِيمَةِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَيْنِ كَانَ لَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَشَرَةً اسْتَحَقَّ أَسْلَابَهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ: إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ قَتِيلَيْنِ مَعًا فَلَهُ سَلَبُ أَحَدِهِمَا وَالْخِيَارُ إلَى الْقَاتِلِ لَا إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ أَصَبْتَ أَسِيرًا، فَهُوَ لَكَ، فَأَصَابَ أَسِيرَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَالْأَوَّلُ لَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُمَا مَعًا، فَالْخِيَارُ إلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ عَشَرَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلْقِتَالِ وَالْمُبَارَزَةِ فَقَالَ الْأَمِيرُ لِعَشْرَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اُبْرُزُوا إلَيْهِمْ إنْ قَتَلْتُمُوهُمْ، فَلَكُمْ أَسْلَابُهُمْ، فَبَرَزُوا إلَيْهِمْ فَقَتَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلًا كَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ سَلَبُ قَتِيلِهِ اسْتِحْسَانًا، فَإِنْ قُتِلَ تِسْعَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهَرَبَ الْعَاشِرُ يَسْتَحِقُّونَ أَسْلَابَهُمْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ ذِمِّيٌّ مِمَّنْ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَتِيلًا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ التُّجَّارِ قَتِيلًا سَوَاءٌ كَانَ يُقَاتِلُ قَبْلَ هَذَا أَوْ لَا يُقَاتِلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ أَوْ ذِمِّيَّةٌ قَتِيلًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ هَؤُلَاءِ أَوْ لَا يُقَاتِلُ حَتَّى الْآنَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ الْأَسْلَابَ.
وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَسَمِعَ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ دُونَ الْبَعْضِ، ثُمَّ رَجُلٌ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَقَالَةَ الْإِمَامِ، وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ بَعَثَ سَرِيَّةً وَقَالَ فِي أَهْلِ عَسْكَرِهِ: قَدْ جَعَلْتُ لِهَذِهِ السَّرِيَّةِ نَفْلَ الرُّبْعِ، وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السَّرِيَّةِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُمْ النَّفَلُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ أَصَابَ أَسِيرًا، فَهُوَ لَهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ أَسِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَهُمْ لَهُ.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ، فَلَهُ مِنْهُ طَائِفَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ بِثِيَابٍ أَوْ رُءُوسٍ فَذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ يُعْطِيهِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَرَى، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَجِيرًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ مُقَاتِلًا مَعَهُمْ أَوْ تَاجِرًا مَعَهُمْ أَوْ عَبْدًا كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ يَخْدُمُهُ أَوْ رَجُلًا ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ ذِمِّيًّا نَقَضَ الْعَهْدَ وَلَحِقَ بِهِمْ، فَلَهُ سَلَبُهُمْ وَلَوْ قَتَلَ امْرَأَةً إنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ، فَلَهُ سَلَبُهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُقَاتِلُ، فَلَا سَلَبَ لَهُ وَإِنْ قَتَلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، فَلَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا أَوْ جَرِيحًا مِنْهُمْ، فَلَهُ سَلَبُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ، وَإِنْ قَتَلَ شَيْخًا فَانِيًا لَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ قِتَالٌ بِنَفْسِهِ، وَلَا بِرَأْيِهِ، وَلَا يُرْجَى لَهُ نَسْلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ بِطْرِيقًا مِنْ الْبَطَارِقَةِ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ الْبَطَارِقَةِ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ شَيْخًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ شَابًّا يَسْتَحِقُّ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ شَابًّا، فَقَتَلَ شَيْخًا لَا يَسْتَحِقُّ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ، فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ بِوَصِيفٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ اسْمٌ لِلْبَالِغِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْوَصِيفُ اسْمٌ لِلصَّغِيرِ، فَقَدْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِوَصِيفٍ فَجَاءَ بِأَسِيرٍ أَوْ بِرَضِيعٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ صُعْلُوكًا مِنْ صَعَالِيكِ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ بِطْرِيقًا لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ؛ لِأَنَّ سَلَبَ الْبِطْرِيقِ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ سَلَبِ الصُّعْلُوكِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا دَخَلَ الْعَسْكَرُ دَارَ الْحَرْبِ، فَقَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا قِتَالًا قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَهَذَا عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ يُقْتَلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي غَزْوَتِهِمْ هَذِهِ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ اقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَهْزِمْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ غَزُوا مِنْ الْغَدِ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ الْأَوَّلَ بَاقٍ فَكَانَ التَّنْفِيلُ بَاقِيًا، وَإِنْ انْهَزَمُوا، وَالْمُسْلِمُونَ فِي طَلَبِهِمْ، فَحُكْمُ ذَلِكَ التَّنْفِيلُ بَاقٍ، وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْمُنْهَزِمُونَ حُصُونَهُمْ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى إثْرِهِمْ لَمْ يَرْجِعُوا بَعْدُ، فَتَحَصَّنُوا وَأَقَامَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَهُمْ، فَحُكْمُ ذَلِكَ التَّنْفِيلُ بَاقٍ، وَإِنْ انْهَزَمُوا فَلَمْ يَتَّبِعْهُمْ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ يَطْلُبُوهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِمَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، ثُمَّ مَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِبَعْضِ تِلْكَ الْمَدَائِنِ، وَحَاصَرُوهُمْ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُنْهَزِمِينَ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إثْرِهِمْ فَمَرُّوا بِحِصْنٍ آخَرَ وَفِيهِ قَوْمٌ مُمْتَنِعُونَ سِوَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَقِفُونَهُمْ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ بِطْرِيقًا قَدْ قُتِلَ فَقَالَ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ ذَلِكَ الْبِطْرِيقِ فَلَهُ كَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبِطْرِيقُ وَرَأْسُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِقِتَالٍ وَخَوْفٍ، فَلَهُ النَّفَلُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ مَنْ غَيْرِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْقَوْمُ بِأَعْيَانِهِمْ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِهِ فَلَهُ كَذَا، فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ: إذَا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ دُونَ السَّبْيِ فَمَنْ جَاءَ بِرَأْسِ رَجُلٍ، فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمَا لَا فَلَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَ الْحَرْبُ وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَتَفَرَّقُوا، فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ، فَلَهُ كَذَا فَهَذَا عَلَى السَّبْيِ دُونَ رُءُوسِ الرِّجَالِ وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسِ رَجُلٍ وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ، وَأَخَذْتُ رَأْسَهُ وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، وَهَذَا أَخَذَ رَأْسَهُ فَاَلَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ أَحَقُّ بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَتْلِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ قَضَيْنَا بِالْخَمْسِمِائَةِ لَهُ وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسٍ فَقَالَ: وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَذَا رَأْسُ رَجُلٍ مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَدْ مَاتَ، وَهَذَا حَزَّ رَأْسَهُ، وَقَالَ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ: قَتَلْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الرَّأْسُ رَأْسَ مُشْرِكٍ، وَإِنْ وَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ فَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ رَأْسُ مُسْلِمٍ أَوْ رَأْسُ مُشْرِكٍ نُظِرَ إلَى السِّيمَاءِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُشْرِكِينَ كَانَ لَهُ النَّفَلُ بِأَنْ كَانَ شَعْرُهُ قُصَّةً وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَانَ مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ، فَلَا نَفَلَ لَهُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُدْرَ أَنَّهُ رَأْسُ مُسْلِمٍ أَوْ رَأْسُ مُشْرِكٍ فَلَا نَفَلَ لَهُ.
وَلَوْ جَاءَ بِرَأْسٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَطَلَبَ الْخَارِجُ يَمِينَ صَاحِبِ الْيَدِ فَحُلِّفَ صَاحِبُ الْيَدِ، فَنَكَلَ فَلَا نَفْلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النَّفَلَ لِلْخَارِجِ.
وَلَوْ جَاءَ رَجُلَانِ بِرَأْسٍ يَزْعُمَانِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ، وَالرَّأْسُ فِي أَيْدِيهِمَا قُسِّمَ النَّفَلُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ هَذَا الْحِصْنِ أَوْ هَذِهِ الْمَطْمُورَةِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَاقْتَحَمَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَدَخَلُوا، فَإِذَا بِهَا بَابٌ آخَرُ مُغْلَقٌ غَيْرَ ذَلِكَ الْبَابِ، فَلَهُمْ النَّفَلُ، وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ فَلَهُ الرُّبْعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَدَخَلَ عَشْرَةٌ، فَلَهُمْ الرُّبْعُ الْوَاحِدُ، وَلَوْ دَخَلَهُ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ جَمِيعًا فِي النَّفْلِ حَتَّى يَلْتَجِئَ الْعَدُوُّ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ الْبَابَ، فَلَهُ بِطْرِيقُ الْمَطْمُورَةِ، فَدَخَلَ جَمَاعَةٌ، فَلَهُمْ الْبِطْرِيقُ لَا غَيْرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فَلَهُ بِطْرِيقٌ فَدَخَلَ قَوْمٌ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِطْرِيقٌ آخَرُ غَيْرَ الَّذِي لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي الْحِصْنِ ثَلَاثَةُ بَطَارِيقَ، فَلَهُمْ أُولَئِكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ جَارِيَةٌ يَعْنِي فَلَهُ قِيمَةُ جَارِيَةٍ، فَإِنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةَ جَارِيَةٍ وَسَطٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيهِمْ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا جَارِيَتَانِ كَانَ لَهُمْ مَا وُجِدَ فِيهِ لَا غَيْرَ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَدَخَلَ طَائِفَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَابِ، وَطَائِفَةٌ يَنْزِلُونَ مِنْ فَوْقِ السَّطْحِ أَدْلَاهُمْ غَيْرُهُمْ بِإِذْنِهِمْ فَفَتَحُوا الْمَطْمُورَةَ، فَلَهُمْ نَفْلُهُمْ، وَهَذَا إذَا انْتَهُوا إلَى مَكَان يُمْكِنُهُمْ الْمُقَاتَلَةُ مَعَ أَهْلِ الْحِصْنِ، فَإِنْ كَانُوا فِي مَوْضِعٍ لَا تُمْكِنُهُمْ الْمُقَاتَلَةُ بِأَنْ كَانُوا مُتَدَلِّينَ مِنْ رَأْسِ الْحَائِطِ ذِرَاعًا أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَلَا نَفْلَ لَهُمْ وَلَوْ دَلُّوهُمْ حَتَّى تَوَسَّطُوا بِهِمْ الْحِصْنَ، وَانْقَطَعَتْ الْحِبَالُ، فَوَقَعُوا فِي الْحِصْنِ، فَلَهُمْ النَّفَلُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ أَوَّلًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَمَنْ دَخَلَ ثَانِيًا، فَلَهُ رَأْسَانِ وَمَنْ دَخَلَ ثَالِثًا، فَلَهُ رَأْسٌ فَدَخَلَ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ وَلِلثَّانِي رَأْسَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَلَوْ دَخَلَ ثَلَاثَةٌ مَعًا بَطَلَ النَّفَلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَلَهُمْ نَفْلُ الثَّالِثِ، وَإِنْ دَخَلَ اثْنَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَطَلَ نَفْلُ الْأَوَّلِ، وَنَفْلُ الثَّانِي يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: لِرَجُلٍ إنْ دَخَلْتَ أَوَّلًا لَسْتُ أُطْعِمُكَ وَإِنْ دَخَلْتَ ثَانِيًا، فَلَكَ رَأْسَانِ فَدَخَلَ أَوَّلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ النَّفَلُ الْمَشْرُوطُ، وَلَوْ لَمْ تَتَقَدَّمْ مِنْهُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِثَلَاثَةٍ: بِأَعْيَانِهِمْ مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ بَابَ هَذَا الْحِصْنِ أَوَّلًا، فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَلِلثَّانِي رَأْسَانِ، وَلِلثَّالِثِ رَأْسٌ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي الْحِصْنِ، وَمَعَهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ هَذِهِ الصِّيغَةَ إلَيْهِمْ فَقَالَ: مِنْكُمْ، وَكَانَ مُرَادُهُ الْأَوَّلَ مِنْهُمْ.
أَلَا تَرَى لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ أَوَّلًا مِنْ النَّاسِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ وَمَعَهُ مِنْ الْبَهَائِمِ أَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْ الرِّجَالِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ وَمَعَهُ نِسَاءٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ فَكَذَا هَذَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ هَذَا الْحِصْنَ قَبْلَ النَّاسِ فَلَهُ كَذَا، فَدَخَلَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْكُفَّارِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، فَدَخَلَ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا مِنْ النَّاسِ، فَدَخَلَ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: كُلُّ مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا، فَلَهُ رَأْسٌ، فَدَخَلَ خَمْسَةٌ مَعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَأْسٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ أَوْ أَيُّ رَجُلٍ دَخَلَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ فَرْدٍ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ خَامِسًا فَلَهُ رَأْسٌ فَدَخَلَ خَمْسَةٌ مَعًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْلِ الْخَامِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا، فَهُوَ لَهُ أَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ فِضَّةً فَأَصَابَ رَجُلٌ سَيْفًا مُحَلَّى بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةٍ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَهُ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْحِلْيَةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ تُنْزَعُ الْحِلْيَةُ مِنْ السَّيْفِ، وَتُعْطَى صَاحِبَ النَّفْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْحِلْيَةِ، وَإِلَى قِيمَةِ السَّيْفِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِلْيَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ صَاحِبُ النَّفْلِ إنْ شَاءَ أُعْطِيَ قِيمَةَ السَّيْفِ وَأَخَذَ السَّيْفَ مَعَ الْحِلْيَةِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ السَّيْفِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ أَعْطَى صَاحِبَ النَّفْلِ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا، وَجَعَلَ السَّيْفَ مَعَ الْحِلْيَةِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْحِلْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يُبَاعُ السَّيْفُ، وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ النَّصْلِ وَالْجَفْنِ، فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ، فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّفْلِ وَالْبَاقِي فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْإِمَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَصَابَ سَرْجًا مُفَضَّضًا أَوْ لِجَامًا أَوْ مُصْحَفًا يَكْتُبُونَ فِيهِ كُتُبًا لَهُمْ، فَلَهُ الْفِضَّةُ دُونَ الْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ حُلِيَّ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُفَصَّصًا بِفُصُوصٍ أَوْ خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ كَانَ الْحُلِيُّ لَهُ وَنُزِعَتْ عَنْهُ الْفُصُوصُ كُلُّهَا، وَجُعِلَتْ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَوْ أَصَابَ أَبْوَابًا فِيهَا مَسَامِيرُ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ لَوْ نُزِعَتْ هَذِهِ الْمَسَامِيرُ لَهَلَكَتْ الْأَبْوَابُ حَتَّى لَا تَكُونَ أَبْوَابًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَكَذَلِكَ السَّرْجُ إذَا نُزِعَتْ عَنْهُ الْمَسَامِيرُ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ ضَبَّةٌ أَوْ ضَبَّتَانِ لَوْ نُزِعَتْ هَلَكَ السَّرْجُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَلَوْ أَصَابَ أَسِيرًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ ضُبِّبَتْ أَسْنَانُهُ بِالذَّهَبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الذَّهَبُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ الذَّهَبِ كَانَ لَهُ الْأَنْفُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ حُلِيًّا فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ تَاجَ الْمَلِكِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مِنْ تِيجَانِ النِّسَاءِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَصَابَ لُؤْلُؤًا أَوْ يَاقُوتًا أَوْ زُمُرُّدًا لَيْسَ فِيهِ ذَهَبٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ حَدِيدًا، فَهُوَ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَهُ نِصْفُهُ، فَلَهُ الْحَدِيدُ التِّبْرُ وَالْإِنَاءُ وَالسِّلَاحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا جَفْنُ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ، فَلَهُ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْحَدِيدِ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا بِالذَّهَبِ، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ سُدَى الثَّوْبِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ ذَهَبًا، فَلَهُ مِنْهُ كَذَا دَخَلَ تَحْتَ التَّنْفِيلِ الدَّنَانِيرُ الْمَضْرُوبَةُ وَالْحُلِيُّ مِنْ الذَّهَبِ وَالتِّبْرِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَنْ أَصَابَ فِضَّةً دَخَلَ تَحْتَ التَّنْفِيلِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ وَالتِّبْرُ مِنْ الْفِضَّةِ وَالْحُلِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ قَزًّا فَهُوَ لَهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ قَبَاءً أَوْ جُبَّةً مَحْشُوَّةً بِقَزٍّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ قَزٍّ، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ جُبَّةً بِطَانَتُهَا ثَوْبُ قَزٍّ، وَظِهَارَتُهَا ثَوْبٌ فَلَهُ ثَوْبُ قَزٍّ، وَالثَّوْبُ الْآخَرُ غَنِيمَةٌ يُبَاعُ، وَيُقَسَّمُ وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ جُبَّةَ حَرِيرٍ، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةً بِطَانَتُهَا حَرِيرٌ أَوْ ظِهَارَتُهَا، فَإِنْ كَانَتْ ظِهَارَتُهَا حَرِيرًا كَانَتْ لَهُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ حَرِيرًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ جُبَّةً، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةً ظِهَارَتُهَا خَزٌّ وَبِطَانَتُهَا سُمُورٌ أَوْ قَزٌّ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْجُبَّةَ تُضَافُ إلَى السُّمُورِ وَالْفَنَكِ لَا إلَى الْخَزِّ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ خَزٍّ، فَهُوَ لَهُ، فَأَصَابَ جُبَّةَ خَزٍّ بِطَانَتُهَا سُمُورٌ أَوْ فَنْكٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الظِّهَارَةُ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ فَنْكٍ، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةَ خَزٍّ بِطَانَتُهَا فَنْكٌ كَانَ لَهُ الْبِطَانَةُ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ تُسَمَّى ثَوْبًا وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ هَذِهِ الْجُبَّةَ الْخَزَّ، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا رَجُلٌ، فَإِذَا هِيَ مُبَطَّنَةٌ بِغَيْرِ الْخَزِّ مِنْ الْفَنْكِ كَانَ الْكُلُّ لَهُ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ قَبَاءَ خَزٍّ أَوْ قَبَاءً مَرْوِيًّا، فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ قَبَاءً مَحْشُوًّا بِطَانَتُهُ غَيْرُ خَزٍّ أَوْ غَيْرُ مَرْوِيٍّ كَانَتْ لَهُ الظِّهَارَةُ خَاصَّةً.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِجَزُورٍ، فَهُوَ لَهُ فَجَاءَ بِجَزُورٍ وَبَقَرَةٍ أَوْ ثَوْرٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِجَزُورٍ، فَهُوَ لَهُ فَجَاءَ بِنَاقَةٍ أَوْ جَمَلٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِبَقَرَةٍ، فَهِيَ لَهُ فَجَاءَ بِجَامُوسٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِكَبْشٍ، فَهُوَ لَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ بِنَعْجَةٍ أَوْ مَعْزٍ لَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ بَزَّا فَهَذَا عَلَى ثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالُوا: هَذَا بِنَاءً عَلَى عُرْفِ الْكُوفَةِ، فَإِنَّ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ اسْمُ الْبَزِّ يَقَعُ عَلَى ثَوْبِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَبَائِعُهُمَا يُسَمَّى بَزَّازًا، وَفِي عُرْفِ دِيَارِنَا الْبَزُّ لَا يَقَعُ عَلَى الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَبَائِعُهُمَا لَا يُسَمَّى بَزَّازًا، وَإِنَّمَا يُسَمَّى كِرْبَاسِيًّا إنَّمَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى ثِيَابِ الْإِبْرَيْسَمِ، وَبَائِعُهُمَا يُسَمَّى بَزَّازًا وَاسْمُ الثَّوْبِ يَتَنَاوَلُ الدِّيبَاجَ وَالْبَزْيُونُ، وَهُوَ السُّنْدُسُ وَالْقَزُّ وَالْكِسَاءُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْبِسَاطَ وَالْمَسَحَ وَالسِّتْرَ، وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الِاسْمِ الْقَلَنْسُوَةُ وَالْعِمَامَةُ وَاسْمُ الْمَتَاعِ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ وَالْقُمُصِ وَالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ، فَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصَابَهُ الْمُنْفَلُ لَهُ، فَهُوَ لَهُ وَلَوْ أَصَابَ أَوَانِيَ أَوْ أَبَارِيقَ أَوْ قَمَاقِمَ أَوْ قُدُورًا مِنْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَوْ أَنَّ أَمِيرًا عَلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ، وَرَأَى دُرُوعَ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلَةً، وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا فِي قِتَالِهِمْ فَقَالَ مَنْ دَخَلَ بِدِرْعٍ فَلَهُ مِنْ النَّفْلِ فِي الْغَنِيمَةِ كَذَا أَوْ قَالَ: فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَسَهْمٍ فِي الْغَنِيمَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِدِرْعَيْنِ، فَلَهُ كَذَا، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِثَلَاثَةِ دُرُوعٍ، فَلَهُ ثَلَثُمِائَةٍ، وَمَنْ دَخَلَ بِأَرْبَعَةِ دُرُوعٍ، فَلَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ جَازَ مِنْ ذَلِكَ نَفْلُ دِرْعَيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ أَمْكَنَ لُبْسُ الثَّلَاثَةِ وَالْقِتَالُ مَعَهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ جَازَ النَّفَلُ فِيهَا أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ بِفَرَسٍ، فَلَهُ كَذَا لَا يَجُوزُ هَذَا التَّنْفِيلُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِدُرُوعٍ، فَلَهُ كَذَا.
وَفِي النَّوَادِرِ ذَكَرَ الرِّمَاحَ وَالْأَتْرَاسَ، وَأَجَابَ بِجَوَازِ التَّنْفِيلِ فِيهَا، كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِأَصْحَابِ الْخَيْلِ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ بِتِجْفَافٍ عَلَى فَرَسِهِ، فَلَهُ نَفْلُ كَذَا، فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِتِجْفَافَيْنِ، فَلَهُ نَفْلُ كَذَا، فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ذُكِرَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَذَكَرَ فِيهَا فَدَخَلَ رَجُلٌ بِتِجْفَافَيْنِ وَمَعَهُ فَرَسَانِ جَازَ التَّنْفِيلُ عَلَيْهِمَا، وَذُكِرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ بِتِجْفَافَيْنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْفَرَسَيْنِ، وَأَجَابَ بِجَوَازِ التَّنْفِيلِ فِيهِمَا أَيْضًا، وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ بِثَلَاثَةِ تَجَافِيفَ فَلَهُ كَذَا جَازَ نَفْلُ تِجْفَافَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَلَاثَةِ تَجَافِيفَ مَنْفَعَةٌ لِلْمُنْفَلِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ التَّنْفِيلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي ثَلَاثَةِ دُرُوعٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ نَظَرَ الْأَمِيرُ إلَى رَجُلٍ عَلَى سُورِ الْحِصْنِ يُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: مَنْ صَعَدَ السَّطْحَ فَأَخَذَهُ، فَهُوَ لَهُ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَصَعَدَ رَجُلٌ، وَأَخَذَهُ كَانَ لَهُ مَا أَخَذَهُ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَلَوْ سَقَطَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ السُّوَرِ إلَى الْأَرْضِ حِينَ قَالَ الْأَمِيرُ هَذَا خَارِجَ الْحِصْنِ، وَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النَّفْلِ، وَلَوْ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَطَرَحَهُ مِنْ السُّورِ فَلَهُ نَفْلُهُ، وَلَوْ صَعَدَ إلَيْهِ رَجُلٌ، وَقَدْ سَقَطَ مَنْ كَانَ عَلَى السُّورِ دَاخِلَ الْحِصْنِ فَقَتَلَهُ فَلَهُ نَفْلُهُ وَلَوْ نَظَرَ إلَى رَجُلٍ عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ فَسَقَطَ الرَّجُلُ مِنْ عَلَى السُّورِ إلَى خَارِجِ الْحِصْنِ وَأَخَذَهُ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَمْتَنِعُ فِيهِ لَا يَكُونُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ صَعَدَ الْحِصْنَ وَنَزَلَ عَلَيْهِمْ، فَلَهُ كَذَا فَصَعَدَ رَجُلٌ السُّورَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ عَلَيْهِمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ نَظَرَ الْأَمِيرُ إلَى ثُلْمَةٍ، فَقَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْ هَذِهِ الثُّلْمَةِ، فَلَهُ كَذَا، فَدَخَلَ مِنْ ثُلْمَةٍ أُخْرَى يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مِثْلَ هَذِهِ فِي الصُّعُوبَةِ الْمَنِيعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَهُ نَفْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ هَذِهِ فِي الشِّدَّةِ وَالصُّعُوبَةِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الرَّقِيقِ.
فَلَهُ رَأْسٌ فَذَهَبَ الْمُسْلِمُونَ بِصِفَةِ رَجُلٍ وَإِشَارَتِهِ، وَلَمْ يَذْهَبْ الدَّالُّ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الرَّقِيقَ فَلَا شَيْءَ لِلدَّالِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْأُسَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ: مَنْ دَلَّنَا مِنْكُمْ عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الرُّءُوس، فَهُوَ حُرٌّ، فَدَلَّهُمْ وَاحِدٌ عَلَى عَشْرَةٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ فَذَهَبُوا عَلَى صِفَتِهِ وَدَلَالَتِهِ فَوَجَدُوا عَشْرَةً مِنْ الرُّءُوس فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: الْأَسِيرُ إذَا دَلَلْتُكُمْ، فَأَنَا حُرٌّ، وَتَدَعُونِي إلَى بِلَادِي، فَإِنَّهُ يُخَلِّي سَبِيلَهُ إذَا وُجِدَتْ مِنْهُ الدَّلَالَةُ، وَلَوْ قَالَ الْأَسِيرُ: أَدُلُّكُمْ عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَنَا حُرٌّ، فَقَالَ: الْإِمَامُ نَعَمْ فَذَهَبَ فَدَلَّهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لَهُمْ: أَعْطُونَا مِائَةَ رَأْسٍ عَلَى أَنَّكُمْ آمِنُونَ فِي حُصُونِكُمْ فَأَعْطَوْهُ تِسْعِينَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ لَكِنْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَسْلَمَ الرِّقَابُ أَوْ بَعْضُهُمْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قِيمَةَ الرِّقَابِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطُونِي مِائَةً مِنْ الْأُسَرَاءِ الَّذِينَ عِنْدَكُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْطَوْهُ تِسْعِينَ يُقَاتِلُهُمْ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْأُسَرَاءِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ فَهُوَ حُرٌّ، فَذَهَبَ أَسِيرٌ مِنْهُمْ وَدَلَّهُمْ عَلَى عَشْرَةٍ مُمْتَنِعِينَ فِي حِصْنٍ فَلَا يُعْتَقُ، فَإِنْ دَلَّهُمْ عَلَى قَوْمٍ غَيْرِ مُمْتَنِعِينَ إلَّا أَنَّهُمْ هَرَبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُنْظَرُ إنْ هَرَبُوا قَبْلَ أَنْ يَقْرُبُوا مِنْهُمْ لَمْ تُوجَدْ الدَّلَالَةُ الْمُمْكِنَةُ مِنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالظُّهُورِ، وَإِنْ هَرَبُوا بَعْدَ مَا قَرُبُوا مِنْهُمْ يُعْتَقُ.
وَلَوْ قَالَ لِلْأُسَرَاءِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى حِصْنِ كَذَا أَوْ مَغَارَةِ كَذَا أَوْ مُعَسْكَرِ الْمَلِكِ، فَهُوَ حُرٌّ فَدَلَّهُمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَلَمْ يَظْفَرُوا، فَالْأَسِيرُ حُرٌّ، وَلَوْ أَصَابَ الْأَمِيرُ غَنَائِمَ، فَأَقْبَلَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الطَّرِيقِ فَلَهُ رَأْسٌ، فَدَلَّهُمْ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِكَلَامٍ وَصِفَةٍ وَلَمْ يَذْهَبْ، فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ ذَهَبَ مَعَهُمْ، فَدَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَهُ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ فَدَلَّهُمْ، فَهُمْ فِي الْأَسْرِ عَلَى حَالِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: فَلَهُ نَفْسُهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَدَلَّهُمْ، فَلَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى طَرِيقِ حِصْنِ كَذَا، فَهُوَ حُرٌّ وَلِذَلِكَ الْحِصْنِ طُرُقٌ، فَدَلَّهُمْ عَلَى طَرِيقٍ أَبْعَدُهَا يُعْتَقُ إذَا كَانُوا يَسْلُكُونَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْلُكُونَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى طَرِيقِ كَذَا مِنْ حِصْنِ كَذَا، فَهُوَ حُرٌّ، فَدَلَّهُمْ أَسِيرٌ عَلَى طَرِيقِ آخَرَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَدْلُولُ مِثْلَ الْمَنْصُوصِ فِي السَّعَةِ وَالرَّفَاهَةِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَإِنْ كَانَ أَشَقُّ مِنْ الْمَنْصُوصِ فَلَا يُعْتَقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَمِيرُ الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا نَفَلَ، وَقَالَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الرُّبْعُ فَكُلُّ مَنْ لَهُ حَظٌّ فِي الْغَنِيمَةِ مِنْ سَهْمٍ أَوْ رَضَخٍ دَخَلَ تَحْتَ التَّنْفِيلِ، وَمَنْ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّنْفِيلِ.
وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَسْتَحِقُّونَ النَّفَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا خَصَّ الْإِمَامُ الْأَحْرَارَ الْبَالِغِينَ الْمُسْلِمِينَ فَحِينَئِذٍ لَا شَيْءَ لِهَؤُلَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالتُّجَّارُ مِنْ أَهْلِ اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ فَيَسْتَحِقُّونَ النَّفَلَ وَالْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا قَاتَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ، وَإِنْ كَانَ يُقَاتِلُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَهُ حَظٌّ مِنْ الْغَنِيمَةِ حَتَّى يَرْضَخَ لَهُ، فَيَسْتَحِقَّ النَّفَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَأَسْلَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُشْرِكًا أَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ سُوقِ الْعَسْكَرِ مُشْرِكًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا، وَلَهُ سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا.
وَلَوْ قِيلَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَدَخَلَ عَسْكَرٌ آخَرُ مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ مَدَدًا لَهُمْ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَتِيلًا كَانَ لَهُ سَلَبُهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَمِيرًا عَلَى الْعَسْكَرَيْنِ جَمِيعًا.
الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ قَتْلُهُ مُبَاحًا فِي الْجُمْلَةِ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بِقَتْلِهِ بِالتَّنْفِيلِ، وَكُلُّ سَلَبٍ لَوْلَا التَّنْفِيلُ فِيهِ يُسْتَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ يَصِحُّ فِيهِ التَّنْفِيلُ وَمَا لَا يُسْتَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّنْفِيلُ فَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ أَجِيرًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ يُقَاتِلْ أَوْ تَاجِرًا فِي عَسْكَرِهِمْ أَوْ الذِّمِّيَّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ، وَخَرَجَ إلَيْهِمْ أَوْ مَرِيضًا مِنْهُمْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ، فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَ هَؤُلَاءِ مُبَاحٌ، وَلَوْ قَتَلَ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُقَاتِلَيْنِ وَإِنْ قَتَلَ شَيْخًا فَانِيًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَاتَلَ مُسْلِمٌ مَعَ الْكَفَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مُنْفَلٌ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يُغْنَمُ، وَإِنْ كَانَ السَّلَبُ مِمَّا أَعَارَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلَهُ إنْسَانٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ كَانَ السَّلَبُ عَارِيَّةً عِنْدَ الْمُشْرِكِ لِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ، فَهُوَ كَاَلَّذِي لِلْبَالِغِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنْ أَعَارَ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ سِلَاحَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ، فَقَاتَلَ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَالَهُ يُغْنَمُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُغْنَمُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُغْنَمُ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا، فَأَخَذَ مُشْرِكٌ سِلَاحَهُ غَصْبًا، فَقَاتَلَ بِهِ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ لَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَأَخَذَ مُشْرِكٌ سِلَاحَهُ غَصْبًا، فَقَاتَلَ، فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ مُشْرِكًا فِي صَفِّهِمْ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ سَلَبَهُ، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَوَجَدُوا السَّلَبَ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْقَاتِلِ وَلَوْ انْهَزَمُوا، وَلَا يَدْرِي أَنَّهُمْ هَلْ أَخَذُوا سَلَبَهُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ وُجِدَ السَّلَبُ قَدْ نَزَعُوهُ، فَهُوَ فَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يَنْزِعُوا شَيْئًا مِنْ نَفْسِ الْمَقْتُولِ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَّهُ الْمُشْرِكُونَ حِينَ قُتِلَ وَسَلَبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُنْزَعْ، وَهَرَبُوا فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ وَجَدُوهُ عَلَى دَابَّةٍ بَعْدَ مَا سَارَ الْعَسْكَرُ مَرْحَلَةً أَوْ مَرْحَلَتَيْنِ لَا يَدْرِي أَكَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِلْقَاتِلِ قِيَاسًا، وَلَا يَكُونُ لَهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوا دَابَّتَهُ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا الْقَتِيلَ وَعَلَيْهَا سِلَاحَهُ، فَهُوَ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ حَمَلُوا عَلَى الدَّابَّةِ الْقَتِيلَ وَسِلَاحَهُ وَسِلَاحَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ فَهَذَا يَكُون فَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا كَإِدَاوَةِ وَنَحْوِهَا، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ أَخَذَ الْوَرَثَةُ الدَّابَّةَ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا الْقَتِيلَ وَسِلَاحَهُ فَهَذَا يَكُونُ فَيْئًا، كَذَلِكَ الْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ مُشْرِكًا عَلَى بِرْذَوْنٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ جَمَلٍ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ بِرْذَوْنُهُ، فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ لَا يَسْتَحِقُّ فَرَسَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْفَعَ بِتَنْفِيلِ أَلِأَوْضَعِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ دَابَّتُهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ فَرَسٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى بَعِيرٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى حِمَارٍ، فَهُوَ لَهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى أَتَانٍ كَانَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى أَتَانٍ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى حِمَارٍ ذَكَرٍ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْأُنْثَى لَا يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ وَالنَّاقَةُ بِخِلَافِ الْبَغْلِ وَالْبَغْلَةِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمُ جِنْسٍ فَيَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.